نقطة
الإبحار كانت من جبوتي في طريقهما إلى عدن وبعد أن غابت جبوتي عن الأنظار
هدأت الريح وسكنت حركة البحر وظلت السفينتان الشرعيتان لعدة أيام تراوحان
في مكانهما ( وبمفهوم أهل البحر يقولون البحر قلح ) حتى نفد الزاد وفي هذا
الأثناء لمح النوخدة سالم سعد باخبازي ( بن الشيبة ) قارب يقترب منهم
فناداه ولبى الندى وعاد من جبوتي محملاً بالمؤن والكبش وبعد الغداء أطلق (
أبوعيد ) مبارك أحمد باخبازي العنان لصوته فما كان لشاعرنا المرحوم عبدالله
سعيد باعمرو إلا الاستجابة لذلك الصوت كيف لا وهو يحس بمرارة المعاناة
وهو احد البحارة المتواجدين على متن إحدى السفينتين فراح يترجم تلك
المعاناة في الأبيات الشعرية التالية : ـ
ضاقت بنا رب فرّجها لنا في الحال ** يا ذا العُلى والجلال ** سمّح لنا القيل والقال
سبحان من خلّق الإنسان من صلصال ** وبالبهاء والجمال ** وهو دليله وهو الدال
سرى سرى العيس لي تفرق سبال المخال ** أنيس في كل حال ** يستمنح الليل لطال
أنتم مرابيع قلبي والجسد والحــــــــــــال ** وكذا العضا والفصال ** وأنتم الحال والمال
غوّر بكم في منامي في الدجى والفال ** لو تقطعوني وصال ** وعلي أمراء وعمال
فكوا قياد المقيّد دوب في سلسال ** شفقة ورحمة ينال ** ويصيح يا عالم الحال
هل للمجاريح طب يا باهيات الجمال ** لا يالغصون الطوال ** فُرق المحبين قتّال
ويبدو إن هذا الأبيات حرّكت وجدان شخصاً آخر يتواجد على متن إحدى السفينتين ويدعى الشحاري أراد أن يحكي عن ما بحاله فتجرأ على مواجهة باعمرو حيث قال : ـ
من ولفكم قد نشف ريقي ودمعي سال ** أمراض تظهر شكال ** ولعاد في القلب مثقال
لا طلب تجارة في الدنيا ولا بغي مال ** عسى بيدي تنال ** في كامل الوصف قتّال
باعمرو : ـ
ماذا الذي قرّبك وتناطح الأفيال ** بحر المحبة وبال ** كسّر فراميل و دقال
ولك عزيزي القارئ أن تتأمل في اختيار شاعرنا للألفاظ وكيف يوضبها بما تتناسب ومكنونات نفسه فتكتمل بذلك وحدة الموضوع الذي أراد الحديث عنه . وهنا ألفت نظرك يا عزيزي أن للشحاري قصة مع العشق حكاها لنا المرحوم أبو عيد تتضح من خلال البيتين اللذين قالهما ورد الباعمرو عليه ناصحه بالابتعاد عن ذلك .
نقلاً عن المرحوم مبارك أحمد باخبازي ( أبو عيد )
كتبها الاستاذ : حسن سالمين عميران
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق